ملخص كتاب فن الحرب للكاتب سن تزو (الاستراتيجيات العسكرية في الحياة اليومية)
اليوم في هذا المقال من موقع شغف سنتناول ملخص كتاب فن الحرب للكاتب سن تزو .
في فيلم وول ستريت الذي أنتج عام 1987. يشير هنا الممثل مايكل دوغلاس الذي قام بلعب دور جوردون جيكو رجل البورصة الشخص القوي. يشير أثناء تقديم المشورة إلى تلميذه الشاب بود فوكس الذي لعب دوره شارلي شين. إلى كتاب فن الحرب لصن تزو. و يقتبس منه كل معركة يمكن ربحها حتى قبل خوضها.
و في الحلقة 13 من الأنمي Fullmetal Alchemist يقتبس روي موستانج من كتاب فن الحرب في معركة ضد إدوارد إلريك ونجد أيضا ذكر الكتاب أو المؤلف أو الإقتباس منه في العديد من الأفلام السينمائية : مثل فيلم مت في يوم آخر أحد أفلام جيمس بوند سلسلة والعديد من أفلام حرب النجوم. كذلك المسلسلات التلفزيونية مثل العديد من حلقات the simpsons فما هو السر إذن وراء الإهتمام بكتاب كتب منذ 2500 عام ؟
هل هو كتاب خاص فقط بـ الإستراتيجية الحربية أم يمكن إسقاطه على الواقع ؟ هل يمكن للإنسان العادي أن يستفيده منه ؟ سنحاول الإجابة في هذا الملخص عن هذه الأسئلة و عن غيرها مرحبا أحبابي القراء في مدونة شغف. لكل منا حرب عليه أن يخوضها. هذا أمر واقع. حروب الحياة لاتنحصر فقط في المعنى الضيق. أي حروب الجيوش و المعارك الطاحنة بينها. كما يحدث حاليا بين روسيا وأوكرانيا .
ملخص كتاب فن الحرب للكاتب سن تزو
في زمننا الحاضر العديد من أشكال الحروب. من الصراعات السياسية و الإقتصادية. المنافسة بين الشركات إلى صراعات الحياة التي نخوضها كلنا مع بداية كل يوم جديد و تتجلى في حرب العمل والوظيفة. حرب مع المجتمع و المحيط لكسب الاحترام لهذا بقي كتاب فن الحرب لسون تزو مقروءا و يحظى بالإهتمام إلى يومنا هذا. رغم مرور 2500 عام على كتابته.
ترجم إلى أكثر من ثلاثين لغة ، فهو كتاب يتعلم منه القادة فنون الحرب، وأساليب ومهارات خداع العدو. والاستراتيجيات التي تساعد على إحراز النصر. فتم تطبيق فن الحرب على العديد من المجالات خارج الجيش.. فقد وجد تطبيقًا كدليل تدريبي للعديد من المساعي التنافسية التي لا تتضمن قتالًا فعليًا أفكاره ليست فقط للقادة العسكريين كما قلنا ،فقد اُستخدمت الأفكار النظرية والأفكار الفلسفية في الكتاب في المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية وغيرها بصورة واسعة.
فألهمه السياسيين و الاقتصاديين و رواد الأعمال و التجارة ، الرياضيين ، بل و حتى الناس العاديين في الحياة اليومية في عام 500 تقريبا ق م ، في الصين ، تحديدا في نهاية فترة تسمى"عصر الربيع والخريف" الذي شهد حقا تحول المجتمع الصيني من مجتمع العبيد الذي كان عليه إلى المجتمع الإقطاعي. هنا كثرت الحروب بين مايتعدى 130 مملكة صغيرة. وهذا أدى في النهاية لظهور خمس ممالك قوية تنازعت فيما بينها على السلطة والحكم في تلك الحقب.
رحل سون وو و هو جنرال صيني وخبير عسكري وفيلسوف إلى مملكة و في شرق الصين. بلغت شهرة كتاباته الملك، حيث قدم سون وو 13 مقالة حول فن الحرب للملك، الذي وبعد أن قرأها ،أولاها قدراً وتقديرا عاليين. مما جعله يعين سون كقائداً عاماً لجيش هذه المملكة. الذي عمل بعدها على تدريب الجنود وصقل مهاراتهم وحتى توسيع أطراف المملكة. وساعد على تحقيق الانتصار تلو الآخر وتوسعة المملكة مع توالي الانتصارات. زاد غرور الملك شيئا فشيئا وأصبح جد متكبرا لا يستمع نهائيا إلى آراء واقتراحات الآخرين. هذا ما دفع سون وو إلى ترك المملكة والملك والعيش في قرية جد بعيدة في الغابات.
وحسب خبراته التي اكتسبها في تدريب القوات والحروب والقتال، عدل كتابه وجعله تاما منقحاً. بعد وفاة سون وو مباشرة تحول اسمه إلى سون تزو. وهذه الكلمة تزو في اللغة الصينية تعني كلمة أستاذ في اللغة العربية. وهي تعني الرجل الذي بلغ المراتب العليا في العلم والفلسفة اعتبر تزو الحرب فن و خداع و استراتيجية و ليست قوة و اندفاع و قتال فقط. بل يرى انه يجب على المرء أن يعرف نفسه ، ثم يعرف عدوه ( نقاط قوته و ضعفه ) فحين اذ سيكون مستعدا للحرب.
فكل شيء يبدأ حسبه بالتخطيط عدم التخطيط هو تخطيط للفشل كما يقال. و من أجل ذلك عليك أن تعرف نفسك و تعرف عدوك ( العدو هنا ليس فقط شخصا أو منافسا أ, جيشا ، فمثلا مشكلة تواجهك ، أو عقبة تقف في طريقك أو حتى عقلك ) و يذكر صون تزو هنا 5 أمور أساسية يجب أخذها في الإعتبار في الحروب وهي السياسة.
يتعلق دائما العامل الأول إذا كان الأشخاص تحت القائد واثقون جدا من حاكمهم . تحدد هذه الثقة بالفعل في نهاية كل مطاف استعداد الناس لتحمل ضغوط الحرب. و يرتبط هذا الاستعداد ارتباطًا جد مباشرًا باحتمالية النجاح عند شن هذه الحرب. في حالة مؤسسة ما مثلا يمثل هذا النظام الداخلي الفعلي لها. في المؤسسات الناجحة تمتلك عموما نظاما داخليا قويا. يجعل الكل يعمل من أجل نجاحها.
هل الظروف ستكون في صالحهم إذا قرروا شن الحرب الآن ؟ متى يكون الوقت مناسبا لذلك ، في حال تجارة مثلا ، هي حال السوق ، فعليك دراسة مناخ السوق العام قبل بداية مشروع أو الدخول على خط منافسة الأرض : أو الجغرافيا ، يجب على القادة التفكير في مدى صعوبة أو سهولة زحف قواتهم على الأرض.
لفهم أفضل الظروف التي ستصل إليها قواتهم بل الاشتباك مع العدو لنقل أنك تريد افتتاح محل. عليك أن تعرف المنطقة التي تنوي افتتاحه فيها و هل يتناسب مع نوع نشاطك. فليس من الحكمة نهائيا فتح مطعما فاخرا في حي شعبي . يجب على القائد حقا إظهار القيادة من خلال عملية إظهار الفضائل الأساسية.
مثل الحكمة والإخلاص والإنسانية والشجاعة والصرامة و اكتساب احترام رجاله و حبهم في نفس الوقت كأب فأنت قائد في أسرتك ، و عليك أن تكون قدوة لأهلك بالتحلي بالفضائل حتى تكتسب حبهم واحترامهم الطريقة والانضباط والتنظيم والسيطرة وتخصيص الرتب المناسبة وتنظيم طرق الإمداد وتوفير العناصر التي يستخدمها الجيش. و الحرص على اتباع النظام فجيش غير منضبط ولا منظم مهزوم من البداية.
مدير مشروع ما مثلا عليه أن يحرص على سنن التنظيم و تقسيم المهام بين العمال لضمان نجاح المشروع بعد التخطيط و الإستعداد . تبدأ الحرب ، أو شن الهجوم و هنا يقول الكاتب أنها يجب أن تكون خاطفة و سريعة. للحد من تكلفة الصراع ففهم ما أنت مقدم عليه فهما جيدا. و تنفيذه بسرعة و حسم يجنبك التكاليف الزائدة و الوقوف حائرا وسط الطريق.
و يأتي دور الإستراتيجية و حرب الخداع. إظهار الضعف بعد القوة و العكس. إذا بدأ العدو يتعب أرهقه بالهجمات المتلاحقة قدم طعما و هاجم العدو عنده. إذا كان قويا و ضخما حاول المراوغة و تجنبه. في الأخير أنت تقرر الأسلوب المناسب للتعامل مع المعركة ، حتى أنك قد تقرر عدم البدء بالحرب أو المعركة أساسا.
إن الحرب لعبة فنية كما يقول صن تزو. وعلى من يخوضها أن يعرف كيف يلعبها. سماعك رعد لا يعني انك حاد السمع. رؤية القمر لا تعني أنك حاد البصر إن ما يجعلك مميزا هو رؤية النصر قبل الإنتصار أو الخسارة قبل الهجوم. و الأشخاص الجد مميزون لا يخسرون لأنهم بكل بساطة يعلمون بشكل جيد فرص انتصارهم من خسارتهم و لايهاجمون إلا في حالة التأكد من الفوز .
فمن خلال تقدير نسبة الربح و الخسارة قبل الإقدام على أي شيء ما في الحياة تكتسب بعد النظر. و هو ميزة على الجميع العمل لاكتسابها يقول صن تزو أن إحداث قوة غير عادية يمكن تحقيقه من خلال إدراك أنه يمكن أن تكون مكوناتها قليلة لكن التركيبات المحتملة لا حدود لها و يضرب مثلا بالسلم الموسيقي الذي به عدد محدود من النوتات.
و مع ذلك أنشئ منه عدد غير محدود من القطع الموسيقية فليس على الجيش أن يكون ضخما لتحقيق النصر. وهنا تأتي اهمية التنسيق و الإنضباط والنظام بين أعضاء الجيش فالغلبة في الحرب تكون دائما من نصيب الأكثر تنسيقا و انضباطا يمكن إسقاط هذه القاعدة على كل مناحي الحياة المعاصرة. فليس عليك أن تكون ناجحا لتحقيق انتصارات. عليك استخدام الإبداع والتوقيت في بناء زخم. أي الإستغلال الأمثل لما لديك. وذلك لا يتأتى إلا بالانضباط.
إن أكثر الأشخاص الناجحين هم المنضبطين يقول الكاتب أن الماهر هو من يحارب بشروطه أو لا يحارب على الإطلاق و لكي تحارب بشروطك. عليك أن تعرف بالفعل نقاط القوة و ضعف نفسك و عدوك كما قلنا سابقا. لكن كما تخفي أنت نقاط ضعفك فالعدو كذلك يفعل. لهذا إن أفضل طريقة لدفعهم من أجل الكشف عن أنفسهم هي عملية ازعاجهم بشدة وتعكير مزاج بشكل يومي و ملاحظة ردة فعلهم الحقيقية. و كن أنت حذرا عندما تتعرض لمثل ذلك و أن تتجاهل من يفعله لأنه ببساطة يريد دفعك و الضغط عليك لقياس ردة فعلك.
تتطلب الظروف أحيانًا تكتيكات مختلفة وخيارات مختلفة فبعض الطرق لا يجب سلوكها. و بعض الجيوش لا ينبغي مهاجمتها. و بعض المدن لا يجدي نفعا محاصرتها. و أراض لا يجب حقا أن تقاتل بضراوة من أجلها. فبعض الناس يكفي تجاهلهم و بعض المواقف يكفي الإنسحاب منها. و لا يعد ذلك جبنا.
الشجاعة وحدها لا تكفي لتحقيق النصر. إذ يلزمها العقل و التدبر و التروي و حساب العواقب فاللين عند موقف يحتاج الشدة يعد خوفا أو جبنا. و الهجوم في موقف ربما يمكن معالجته بالتسامح وحتى الكلام الجميل يعد غرورا. يحاول القادة استغلال المناخ و الجغرافيا لصالحهم باختيار وقت الهجوم و الطريق الذي ينبغي سلوكه و مكان التعسكر و التخييم. مع أن هذه الأخيرة لم تعد مهمة جدا في ظل التطور العسكري الراهن لكنها مفيدة في مناح عدة من الحياة.
فمثلا ، قبل افتتاح لمحل تجاري مثلا أحرص أن تكون أقرب ما يكون للموردين. حتى لا تزيد التكلفة فتضطر لرفع أسعارها مقارنة بمنافسيك و إن كنت مثلا تلقي محاضرة في مكان ما. فيساعدك أن تستكشف المكان الذي ستِؤدي فيه. و تحاول إلقاء المحاضرة بدون جمهور.
أولا يقسم الكاتب الأرض إلى 9 أنواع من حيث الجغرافيا. كل منها له خصائص في الحرب و كذلك الإستراتيجية العسكرية. و يمكن إسقاط كل نوع منها على حياتنا و واقعنا الأرض المشتتة : فعندما يقاتل القائد على أرضه فهو يقف على أرض مشتتة. مثل العمل من خلال المنزل فغالبا ما يتشتت انتباهك بسبب تلك المقاطعات .
- الأرض السهلة : تغلغل الجيش في أرض معادية لمسافة قصيرة فقط، حتى يمكنه الإنسحاب بسهولة. مثل الوقوف أحيانا على حدود أمر معين حتى تتمكنك من الانسحاب منه بسهولة.
- أرض تستحق الاستيلاء عليها :هي أرض تستحق عناء الاستيلاء عليها لأنها تجلب منفعة إستراتيجية.معركة قانونية مثلا تستحق الجهد المبذول للفوز بها.
- الأرض المفتوحة :هي التي يستطيع حقا كلا الطرفين الصراع و التحرك فيها.
- أرض تقاطعات الطرق : و هي أرض ذات أهمية إستراتيجية كبرى، لاحتوائها على الكثير من طرق المواصلات ، في العمل على تكوين شبكة علاقات جيدة و متشابكة سيكون له أهمية كبرى في ريادة الأعمال.
- الأرض الخطيرة :عندما يتغلغل الجيش عميقا داخل قلب أرض العدو تاركا وراءه مناطق لم يفتحها. و لا يمكنه ابدا الانسحاب إلا بعد خسائر جد كبيرة. مثل أن تدخل في علاقة جد سامة لمدة طويلة من الزمن. فلا يمكنك ان تنسحب إلا بخسائر نفسية و عاطفية قد تكون جد مدمرة.
- الأرض الصعبة : هي جميع الأراضي التي يصعب علينا عبورها إلا بشق الأنفس. مثل بعض المهارات التي لا يمكننا تعلمها إلا بالعمل المضني والجاد. أما إن كنت تستحق فهذا أمر آخر.
- الأرض المحاطة : هذا النوع من الأرض ينطوي على الضغط من قبل قوى متعارضة وتضاريس وعرة.
- أرض الموت : لن ينجو الجيش إلا عن طريق القتال بدافع من اليأس. هذه الأرض هي أخطر اختبار للجيش. كالدخول في مشروع أنفقت فيه كل ما تملك من مال و جهد. حياتك و مستقبلك يعتمدان على النجاح فيه ،فالفشل يعني الكارثة ، هذا أمر خطير ، لكن له جانبا إيجابيا ، يمدك هذا بطاقة خرافية للعمل بجد و تجاوز كل تلك العقبات ، فأنت لا تملك حقا على هذه المعمورة ترف الراحة و أخذ نفس بل موقفين النجاح أو الكارثة .
عند تطرقه للهجوم بالنار و الوسائل المستعملة قديما و أساليب تنفيذها، تطرق سون تزو نقطة بالغة الأهمية وهي عدم جعل أفعالنا ردود فعل عاطفية و عدم القيام بأي شيء لا يصب في مصلحتنا. فالأمر يجب أن يكون جد مخطط له و مدروسا من كل نواحيه. عدم التخطيط يعني الإعتماد على ردود الفعل و استعان بمثال أن الحاكم لا يجب عليه استعمال قواته الميدانية للاستجابة لثورة غضب و لا يجب على القائد أن يخوض معركة فقط بناء على مشاعر شخصية.
العبرة ان لا تقوم بأي خطوة للأمام إلا إذا كانت تصب في مصلحتك ، فلو خضت معركة بدافع الكبرياء او الإنتقام فقط فأنت خاسر في كلتا الحالتين سواء فزت بالحرب أم خسرتها.
في الختام يتكلم صن تزو عن الجواسيس و عن الجوسسة ،هو نقل المعلومة من أرض العدو هي تقنية ضاربة في القدم. و لكنها مازالت تستعمل إلى الآن الجواسيس هم جزء لا يتجزأ من أي حرب وهنا ركز سون تزو على عدم ارسال القائد لرجاله ليكونو جواسيس في ارض العدو. بل عليه أن يحاول ضم الناس الغير الراضين عن الوضع من رجال العدو و استخدامهم لصالحه مع توقع خيانتهم له في أي وقت.
معرفة عدوك أو حتى منافسك و طريقة تفكيره تمكنك من أخذ خطوات استباقية من أجل عملية التخطيط الجيد. فالجهل بالعدو يجعلك حقا تبقى في حالة من ردود الأفعال المختلفة . هذا أمر مفيد أي معرفة عدوك في كل مناحي الحياة. فجمع معلومات عن شريك محتمل في الأعمال يمكنك من أخذ قرارات حكيمة بخصوص العمل معه. حتى مراقبة منافسيك و التعلم منهم و عليك استعمال استراتيجياتهم الناجحة لمصلحتك فقط.
إلى هنا إنتهى هذا الملخص لكتاب فن الحرب لسون تزو. أحييكم و دمتم رائعين.
تعليقات
إرسال تعليق